الأحد، 24 فبراير 2013

ذات مــســاء ...



اعتادت أن تسرق بضعة لحظات لتخلو بذاتها ،، تعيش بـ عالم لا يأوي غيرها ..
تارة تغرق في بحر كتبها وأخري تسمو بخيالها لأقصي درجات الرقي
تتردد علي مقهي عرفته منذ سنوات .. تجلس في ركن خاص بها .. وحيدة ،، بعيدة عن الأنظار
تحتسي قهوتها وتبدأ خلوتها
تقبض علي قلمها حتي صار جزء من يدها وتخط كل ما يدور برأسها
خواطر .. روايات .. مقالات .. كل ما يمليه عليها الواقع وجزء من الخيال
هي وحدها من تسطر النهايات ..
من تملك زمام اللحظة الأخيرة ..
تتلاعب بالكلمات ، تتحكم فـي الآهات ، تعلو بها وقتما تشاء ، و تداوي جراحها بالداء !!
قلمها هو سر قوتها وضعفها ..تخشي أن تترك له العنان فيصير سيف علي رقبتها
تحاول أن تروضه دائما فـ يخضع لها من فرط ألمها ..
لم يفهمها أحد قط مثله ..
فهو الوحيد القادر علي قراءة أفكارها ،، وهي من تملك قرار اعلانها
غموضها سر جاذبيتها ..
من حاول فك طلاسمها يزداد حيرة في تفسيرها
فلا أحد يعلم سر حزنها المدفون بعينها ، الذي يجعلها الأجمل في أعين الآخرين ..
ذات مــــســــــــاء ......
وهي منهمكه في انهاء روايتها . كان يجلس علي طاولة بجوارها .. يتأملها في زيها الأنيق ، بساطته تضفي عليها رونق من نوع خاص
أنهت قهوتها وغادرت !!
مرت أشهر وهو مازال في طور المراقبه حتي قرر التخلي عن تلك المرحله والانتقال لما يليها
كانت تجلس صامته ، منفصله عن العالم تماما ، لم تشعر بتقدمه نحوها حتي صار ماثل أمامها
رفعت عينها لتتأمله .. ابتسم وطلب منها أن يستعير جزءا من وقتها ويجلس الي طاولتها
حركت رأسهاا  إيماءً بالقبول
حاول أن يتبادل معها أطراف الحديث
في البداية عبر لها عن اعجابه بكلماتها المدوية في أرجاء خياله ، وأسلوبها المنتقي الذي يعبر عن فنان يرسم لوحته بريشة من ذهب
أعجبها ثناءه علي مؤلفاتها وزادها زهوا وغرورا
كانت ترد عليه بابتسامه رقيقه تليق بمثلها ، ومن حين لأخر  بكلمات منمقه
فـ هي من النوع الصامت المنعزل دائما عمن حوله .. قليل البوح بمشاعره أو انفعالاته
كانت كلماته تطرب سمعها حتي حان موعد رحيلها .. استأذنت وانصرفت
شعر بنشوة تجتاح جسده أمام نوع مختلف من النساء لم تدرج في قائمته من قبل
ولا التقي بمثلها يوما ما في طريق الحياة
وها هي فرصة قد جاءته .. فـ حزم الأمر بالدخول الي عالم تلك الكاتبه المجهوله التي تجمع بين كثير من التناقضات
رقة تعبيراتها ، شراسة قلمها ، أنفتها ، وانتقامها !!
قصصها كانت مزيج من الحكايات مختلفة الألوان
فـ أي لون ترتدي ؟؟!!
قرر أن يخلع عنها حجاب الغموض .. أن يقتحم عالمها ويستعمر حصنها المنيع

كان دائم التواجد في ذلك المقهي في انتظار قدومها .. فينشغل عن العالم بـ التأمل في أدق تفاصيلها
كانت تلاحظه .. تشعر بنظراته تلك التي ترضي أنوثتها المدفونه تحت كومة من الأوراق تحتاج لمن ينقب عنها ويكشف أسرارها
هي التي لم تسمح لرجل يوما بالاقتراب من مجالها المغناطيسي كل لا يتجاذبا فتقع في هاوية الحب
فقد عاشت عمرا تخشي فيه عاصفة الفقدان
ولكنها لم تستطع الهروب أكثر من ذلك .. فـ تلك النظرات تسكن أعماقها تود أن تردها لصاحبها ولكن كبرياءها يروضها لتعود لوعيها
منعها الكبرياء من اعطاءه أي اهتمام خوفا من أن تقع في شباكه فـ يلتهمها موج البحر
ظل يراقبها أكثر ويغمرها بالنظرات أكثر وأكثر .. وهي تدافع عن قلبها تحاول صدها
يقترب منها أكثر رغم أنه لم يبرح مكانه .. يتخلل قلبها ،، يهشم صمودها ،، يحاول أن يكسر صمتها ..
حتي خضعت له .. التقت عينهما لأول مرة بعد شهور من أول حديث دار بينهما
لم تتمكن من عودتها لـ صومعتها وصومها عن معشر الرجال
ذهب لطاولتها مجددا ... جاذبته أطراف الحديث .. انطلقت من شفتيها كلمات مزينه بابتسامه تنم عن ود سابق
 لم يمدحها طويلا .. قام بدور المستمع وترك لها المجال كي تقول ما تشاء
تعددت اللقاءات .. أصبحت الكلمات أعمق ، النظرات أطول ، الشوق أكبر !!
فتحت باب قلبها علي مصراعيه ، استنشقت هواء الحب ، راقصت نغمات العشق ، رافقت ربيع العمر
ونسيت تتابع الفصول .. خريف يأتي ليقتلع ثمار الحب قبل أن تجنيها
عاشت وهم الحب بكل أطيافه !!
هو لم يبوح لها بعشقه ولكنها كانت علي يقين بذلك .. فكل ما حولها يؤكد لها حتمية الخلود وأنه الحب المنشود
فـ هي ليست بحاجه الآن الي أقنعتها فـ مزقتها ،، وهجرت قلمها .. حتي قهوتها بردت علي الطاوله !!
غادرت معه علي مركب في بحر الوهم
أغمضت عينها لم تشعر بمرور الوقت وهو جانبها .. وحين فتحتها من جديد كانت وحدها في عرض البحر
أين ذهب ؟؟!! هل رحل وتركها بمفردها تواجه أهوال الفراق !!
أم أنه لم يكن له وجود ؟! هل تلك احدي قصصها المنسوجه من الخيال وستفوق حتما ؟! أم واقع لم تستطع ادراكه ؟!
استعانت بقلمها حتي تعود لرشدها
فـ عجز القلم عن خط سطور هي لم تعرف لها نهاية !!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق